حج الأبرار: معانٍ وأسرار - خطبة مكتوبة 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا  حج الأبرار: معانٍ وأسرار - خطبة مكتوبة 829894
ادارة
المنتدي
 حج الأبرار: معانٍ وأسرار - خطبة مكتوبة 103798
 حج الأبرار: معانٍ وأسرار - خطبة مكتوبة 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا  حج الأبرار: معانٍ وأسرار - خطبة مكتوبة 829894
ادارة
المنتدي
 حج الأبرار: معانٍ وأسرار - خطبة مكتوبة 103798
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
البوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

  حج الأبرار: معانٍ وأسرار - خطبة مكتوبة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة





علم بلدى : مصر
نقاط 0

 حج الأبرار: معانٍ وأسرار - خطبة مكتوبة Empty
مُساهمةموضوع: حج الأبرار: معانٍ وأسرار - خطبة مكتوبة    حج الأبرار: معانٍ وأسرار - خطبة مكتوبة I_icon_minitimeالثلاثاء مايو 01, 2012 3:34 pm

حج الأبرار: معانٍ وأسرار
عبد اللّه بن محمد البصري


[/size]
الخطبة الأولى
أَمَّا
بَعدُ: فَأُوصِيكُم - أَيُّها النَّاسُ - وَنَفسِي بِتَقوَى الله - عز وجل
-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ
لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ
وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) [الأنفال: 29].

أَيُّها
المُسلِمُونَ: وَمَا زَالَ الحَدِيثُ مُتَعَلِّقًا بِالرُّكنِ الخَامِسِ
مِن أَركَانِ الإِسلامِ، رُكنِ الحَجِّ وَمَا أَدرَاكَ مَا الحَجُّ؟!
أَفئِدَةٌ مِنَ النَّاسِ تهوِي إِلى المَسجِدِ الحَرَامِ، وَبَيتٌ هُوَ
مَثَابَةٌ لِلنَّاسِ وَأَمنٌ، وَأَمَاكِنُ مُقَدَّسَةٌ وَمَشَاعِرُ
مُعَظَّمةٌ، وَأَعمَالٌ فَضِيلَةٌ وَمَنَاسِكُ جَلِيلَةٌ، تَوحِيدٌ
وَمُتَابَعَةٌ، وَصَبرٌ وَمُصَابَرَةٌ، وَصَلاةٌ وَطَوَافٌ وَسَعْيٌ،
وَحَلقٌ وَتَقصِيرٌ وَرَميٌ لِلجِمَارِ، وَوُقُوفٌ وَمَبِيتٌ وَدُعَاءٌ،
وَعَجٌّ بِالتَّلبِيَةِ وَالتَّكبِيرِ، وَثَجٌّ لِدِمَاءِ الهَدَايَا
وَالأَضَاحِي وَالفَدَى، وَإِطعَامٌ لِلبَائِسِ الفَقِيرِ، وَأُخُوَّةٌ
جَامِعَةٌ، وَأَخلاقٌ عَالِيَةٌ، وَشُهُودُ مَنَافِعَ عَدِيدَةٍ، وَحُصُولُ
خَيرٍ عَمِيمٍ.

وَمَهمَا
تحدَّثَ مُتَحَدِّثٌ أَو أَفَاضَ مُتَكَلِّمٌ فَلَن يُلِمَّ بِطَرَفٍ مما
يجِبُ الحَدِيثُ فِيهِ عَن هَذَا الرُّكنِ العَظِيمِ، وَلَكِنَّ ممَّا
يحسُنُ الحَدِيثُ فِيهِ وَنحنُ عَلَى أَبوَابِ مَوسِمِ الحَجِّ إِلى بَيتِ
اللهِ العَتِيقِ جُمَلاً مِنَ المَعَاني التي احتَوَاهَا الحجُّ، وَالتي
هِيَ في حَقِيقَتِهَا مِن مَبَادِئِ الدِّينِ وَخُطُوطِهِ العَرِيضَةِ،
مَعَانٍ كُلَّمَا كَانَت حَاضِرَةً في قَلبِ المُسلِمِ، وَفَقِهَهَا
فُؤَادُهُ وَامتَثَلَهَا في حَيَاتِهِ، كَانَ إِلى اللهِ أَحَبَّ
وَأَقرَبَ، وَبِالأَجرِ أَحظَى وَأَجدَرَ، وَبِتِلكَ العِبَادَاتِ أَكمَلَ
استِفَادَةً، وَأَتَمَّ نَفعًا.

فَمِن
تِلكَ المَعَاني الجَمِيلَةِ التي يجِبُ الإِيمانُ بها وَتَعمِيقُها في
القُلُوبِ؛ لِتَتَعَلَّقَ بِعِبَادَةِ عَلاَّمِ الغُيُوبِ أَنَّهُ - سبحانه
- لم يَشرَعْ لِعِبَادِهِ أَيَّ عِبَادَةٍ لِيُحرِجَهُم أَو يُضَيِّقَ
عَلَيهِم، أَو لِيُكَلِّفَهُم مَا لا يُطِيقُونَ أَو يُثقِلَ عَلَيهِم
بِمَا لَيسَ في وُسعِهِمُ القِيَامُ بِهِ، وَإِنما شَرَعَ لهم ما شَرَعَ
لِحِكَمٍ عَظِيمَةٍ، وَأَسرَارٍ جَلِيلَةٍ، وَمَنَافِعَ مُتَعَدِّدَةٍ،
مِنهَا مَا هُوَ في حَيَاتِهِم الدُّنيَا، في أَبدَانِهِم وَقُلُوبِهِم
وَأَنفُسِهِم، وفي مجتَمَعَاتِهِم وَبُلدَانِهِم وَعلاقَاتِهِم، وَمِنهَا
بَل هُوَ أَهَمُّهَا وَأَعظَمُهَا مَا هُوَ في الآخِرَةِ، ممَّا أَعَدَّهُ
لهم مِنَ الفَوزِ الكَبِيرِ وَالنَّعِيمِ المُقِيمِ، قال - سبحانه -:
(يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)
[البقرة: 185]، وقال - جل وعلا -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا
ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ
لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ
اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ
أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي
هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ
عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا
بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ)
[الحج: 77 78].

وَإِنَّ
لِلحَجِّ مِنَ الحِكَمِ وَالأَسرَارِ وَالمَنَافِعِ النَّصِيبَ الكَبِيرَ
وَالقَدرَ العَظِيمَ، قال - جل وعلا -: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ
يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ
عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي
أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ
فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ) [الحج: 27 28]، قال
ابنُ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - في تَفسِيرِ هَذِهِ الآيَةِ: "مَنَافِعُ
الدُّنيَا وَالآخِرَة، أَمَّا مَنَافِعُ الآخِرَةِ فَرِضوَانُ اللهِ - جل
وعلا -، وَأَمَّا مَنَافِعُ الدُّنيَا فَمَا يُصِيبُونَ مِن مَنَافِعِ
البُدنِ وَالذَّبَائِحِ وَالتِّجَارَاتِ".

وَإِنَّهُ
لَو وَعَى المُسلِمُونَ هَذَا المَعنى العَظِيمَ، وَفَقِهُوا هَذَا
الأَصلَ الكَبِيرَ، وَأَنَّهُ مَا مِن عِبَادَةٍ إِلاَّ وَلِتَشرِيعِهَا
بَالِغُ الحِكمَةِ وَعَمِيقُ الأَسرَارِ، وَفي أَدَائِهِم لها جَمُّ
الفَوَائِدِ لهم وَكَرِيمُ الآثَارِ عَلَيهِم، لَمَا تَوَانى عَن
الطَّاعَةِ مُتَوَانٍ، وَلا تَكَاسَلَ في العِبَادَةِ مُتَكَاسِلٌ، وَلَمَا
أَخَّرَ الحَجَّ مُؤَخِّرٌ، وَلا سَوَّفَ في أَداءِ الفريضَةِ مُسَوِّفٌ،
لَكِنَّهَا النَّظَرَاتُ الدُّنيَوِيَّةُ الدُّونِيَّةُ لَمَّا استَولَت
عَلَى العُقُولِ وَامتَلأَت بها القُلُوبُ، صَارَ الاهتِمَامُ بما نَفعُهُ
قَرِيبٌ، وَأَثَرُهُ مَادِيٌّ محسُوسٌ، وَأُوثِرَتِ الحَيَاةُ الدُّنيَا
على الآخِرَةِ، وَعَمِيَتِ الأَبصَارُ وَشُغِلَتِ البَصَائِرُ عَن
البَاقِيَاتِ الصَّالحَاتِ، وَلَكِنَّ المُتَّقِينَ إِلى اللهِ يَسِيرُونَ،
وَفِيمَا عِندَهُ يَطمَعُونَ، وَبِمَوعُودِهِ يُؤمِنُونَ، (قُلْ مَتَاعُ
الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ
فَتِيلًا) [النساء: 77]، (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا
وَخَيْرٌ أَمَلًا) [الكهف: 46].

وَمِن
مَعَاني الحَجِّ السَّامِيَةِ، وَدُرُوسِه العَظِيمَةِ، مَا وَرَدَ في
رَمزِهِ وَشِعَارِهِ، أَعني التَّلبِيَةَ التي يُرَدِّدُها الحَاجُّ مِن
حِينِ إِحرَامِهِ إلى أَن يَرمِيَ جمرَةَ العَقَبَةِ، وَتَلهَجُ بها
الأَلسِنَةُ في مَوَاقِفَ كَثِيرَةٍ، وَلا تَمَلُّ مِن تَردَادِها
وَتَرطِيبِ الأَفوَاهِ بها، وفي هَذِهِ التَّلبِيَةِ النَّبَوَيِّةِ
الكَرِيمَةِ تَذكِيرٌ لِلأُمَّةِ بِأَعظَمِ مَا يجِبُ أَن تَهتَمَّ بِهِ
وَتُحَافِظَ عَلَيهِ، وَتَغرِسَهُ في النُّفُوسِ، وَتَبُثَّهُ في
الجُمُوعِ، وَتَسِيرَ عَلَيهِ في أَعمَالِها كُلِّها، وَتَستَشعِرَهُ في
عِبَادَاتِها جمِيعِها، ذَلِكُم هُوَ تَحقِيقُ التَّوحِيدِ للهِ، تَحقِيقُ
الغَايَةِ القُصوَى مِن خَلقِ الإِنسَانِ وَاستِخلافِهِ في هَذِهِ الأَرضِ،
(وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعبُدُونِ) [الذاريات: 56]،
((لَبَّيكَ اللَّهُمَّ لَبَّيكَ، لَبَّيكَ لا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيكَ، إِنَّ
الحَمدَ وَالنِّعمَةَ لَكَ وَالمُلكَ، لا شَرِيكَ لَكَ))؛ استِجَابَة للهِ
بَعدَ استِجَابَةٍ، وَتَبَرُّؤٌ مِنَ الشِّركِ، وَإِقرَارٌ
بِالرُّبُوبِيَّةِ وَالأُلُوهِيَّةِ، وَحَمدٌ لَهُ عَلَى نِعمَةِ
الهِدَايَةِ لِلإسلامِ، قال - جل وعلا -: (وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالعُمرَةَ
للهِ) [البقرة: 196]، وقال - عليه الصلاة والسلام -: ((خَيرُ الدُّعَاءِ
دُعَاءُ يَومِ عَرَفَةَ، وَخَيرُ مَا قُلتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِن
قَبلِي: لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلكُ
وَلَهُ الحَمدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ)). إِنَّهُ تَذكِيرٌ
لِلأُمَّةِ جمِيعًا أَن يَستَحضِرُوا مَا عَقَدُوا عَلَيهِ قُلُوبَهُم مِن
تَوحِيدِ اللهِ رَبِّ العَالمينَ، إِنَّهُ تَوجِيهٌ لهم أَن يجعَلُوا
حَجَّهُم للهِ وَحدَهُ، ويُخلِصُوا لَهُ العَمَلَ دُونَ سِوَاهُ، وَمِن
ثَمَّ فَلا يَسأَلُونَ إِلاَّ اللهَ، وَلا يَستَغِيثُونَ إِلاَّ بِاللهِ،
وَلا يَتَوَكَّلُونَ إِلاَّ عَلَى اللهِ، وَلا يَطلُبُونَ العَونَ
وَالمَدَدَ وَلا يَلتَمِسُون النَّصَرَ إِلاَّ مِن عِندِ اللهِ،
مُستَيقِنِينَ أَنَّ الخَيرَ كُلَّهُ بِيَدِ اللهِ، وَمَرجِعَ الأُمُورِ
كُلِّها إِلَيهِ، لا مَانِعَ لِمَا أَعطَى وَلا مُعطِيَ لِمَا مَنَعَ، وَلا
يَنفَعُ ذَا الجَدِّ مِنهُ الجَدُّ. وَحِينَ يَكُونُ مِنَ المُسلِمِينَ
يَقِينٌ بِذَلِكَ وَتَمَسُّكٌ بِهِ فَلْيبشرُوا بِالأَمنِ وَالهِدَايَةِ
وَالتَّوفِيقِ: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلمٍ
أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهتَدُونَ) [الأنعام: 82].

وَمِن
مَعَاني الحَجِّ الكَرِيمَةِ وَدُرُوسِهِ البَالِغَةِ: أَن تَعلَمَ
الأُمَّةُ وَتَستَيقِنَ أَنَّهُ لا سَعَادَةَ لها وَلا نجاحَ في هَذِهِ
الحَيَاةِ، وَلا فَلاحَ وَلا فَوزَ في الآخِرَةِ، وَلا تَوفِيقَ وَلا
سَدَادَ وَلا نَصرَ وَلا تَمكِينَ إِلاَّ بِاتِّبَاعِ سَيِّدِ المُرسَلِينَ
وَخَاتَمِ النَّبِيِّينَ، وَالسَّيرِ عَلى نَهجِهِ، وَقُفُوِّ أَثَرِهِ،
وَالثَّبَاتِ عَلى هَديِهِ في الاعتِقَادِ وَالأَعمَالِ، وَالرِّضَا بِمَا
جَاءَ بِهِ في الحُكمِ وَالتَّحَاكُمِ، وَالاقتِدَاءِ بِهِ في الأَخلاقِ
وَالسُّلُوكِ، وَقَد كَانَ في كُلِّ خطوَةٍ في حَجَّتِهِ يُؤَصِّلُ هَذَا
المَعنى الكَبِيرَ في نُفُوسِ المُسلِمِينَ وَيَغرِسُهُ في قُلُوبِهِم
ويُرَسِّخُهُ، حَيثُ كَانَ يَقُولُ عِندَ كُلِّ مَنسَكٍ مِن مَنَاسِكِ
الحَجِّ: ((خُذُوا عني مَنَاسِكَكُم))، وَهُوَ الذي قَد قَالَ: ((مَن
عَمِلَ عَمَلاً لَيسَ عَلَيهِ أَمرُنَا فَهُوَ رَدٌّ))، فَمَا أَسعَدَ
الأُمَّةَ حِينَ تَقتَدِي بِه وَتَمتَثِلُ أَمرَهُ! مَا أَعظَمَ
بَرَكَتَهَا حِينَ تَتَأَسَّى بِهِ وَتَسِيرُ عَلى نَهجِهِ وطَريقَتِهِ!
(وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُم عَنهُ فَانتَهُوا
وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَابِ) [الحشر: 7]، (قُلْ
أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا
عَلَيهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيكُم مَا حُمِّلتُم وَإِن تُطِيعُوهُ تَهتَدُوا
وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ البَلاغُ المُبِينُ) [النور: 54]، (يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ
وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ) [محمد: 33].

وَإِنَّ
ممَّا يجِبُ التَّنبِيهُ عَلَيهِ في هَذَا المَقَامِ أَنَّ عَلَى
المُسلِمِ أَن يُولِيَ هَذَا الأَمرَ في الحَجِّ كَبِيرَ عِنَايَتِهِ، فَلا
يُقْدِمَ عَلَى عَمَلٍ إِلاَّ عَن عِلمٍ وَمَعرِفَةٍ، وَلا يَشرَعَ في
الحَجِّ إِلاَّ بَعدَ تَفَقُّهٍ في أَحكَامِهِ، وَأَن يحرِصَ عَلَى
تَعَلُّمِ صِفَتِهِ وَمَا يَلزَمُهُ لأَدَائِهِ كَمَا أَدَّاهُ الحَبِيبُ،
وَإِنَّ الأَمرَ في ذَلِكَ لَسَهلٌ مُيَسَّرٌ، وَوَسَائِل العِلمِ
مُتَعَدِّدَةٌ ومُتَنَوِّعَةٌ، وَأَهل العِلمِ كَثِيرُونَ مُنتَشِرُون،
فَلَم يَبقَ إِلاَّ الاجتِهَادُ وَطَلَبُ العِلمِ من مَظَانِّه، أَمَّا
التَّخَبُّطُ وَالاستِحسَانَاتُ الشَّخصِيَّةُ، أَو تَقلِيدُ الآخَرِينَ
فِيمَا يَفعَلُونَ دُونَ وَعيٍ أَو إِدرَاكٍ فَمَا هُوَ مِن سِمَات
المُسلِمِينَ المُؤمِنِينَ، وَإِنما ذَمَّ اللهُ بِهِ المُترَفِينَ
الغَافِلِينَ المُعرِضِينَ: (وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي
قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا
آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ)
[الزخرف: 23].

وَمِنَ
الدُّرُوسِ العَظِيمَةِ في الحَجِّ: لُزُومُ الاعتِدَالِ وَالتَّوَسُّطِ
في الأُمُورِ كُلِّهَا، وَمُجَانَبَةُ الغُلُوِّ أَوِ الجَفَاءِ،
وَالحَذَرُ مِنَ الإِفرَاطِ أَوِ التفرِيطِ، فَعَنِ ابنِ عَبَّاسٍ - رضي
الله عنهما - قَالَ: "قال رَسُولُ اللهِ غَدَاةَ العَقَبَةِ وَهُوَ عَلَى
نَاقَتِهِ: ((القُطْ لي حَصًى، فَلَقَطتُ لَهُ سَبعَ حَصَيَاتٍ هُنَّ حَصَى
الخَذفِ، فَجَعَلَ يَنفُضُهُنَّ في كَفِّهِ وَيَقُولُ: أَمثَالَ هَؤُلاءِ
فَارمُوا، ثم قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِيَّاكُم وَالغُلُوَّ في
الدِّينِ، فَإِنَّهُ أَهلَكَ مَن كَانَ قَبلَكُمُ الغُلُوُّ في الدِّينِ))
فَالاعتِدَالُ مَطلُوبٌ في الأُمُورِ كُلِّهَا، وَالتَّوَسُّطُ محمُودٌ
فِيهَا جمِيعِها، وَالبُعدُ عَنِ الغُلُوِّ وَالجَفَاءِ هُوَ المَنهَجُ
القَوِيمُ وَالصِّرَاطُ المُستَقِيمُ الذي يَنبَغِي أَن يَسلُكَهُ جمِيعُ
المُؤمِنِينَ، وَذَلِكَ لَيسَ بِالأَهوَاءِ وَلا الرَّغَبَاتِ
وَالمُشتَهَيَاتِ، وَإِنما يَكُونُ بِالأَخذِ بِحُدُودِ القُرآنِ وآثَارِ
السُّنَّةِ، وَالسَّيرِ على مَا فِيهِمَا مِنَ الهَديِ وَالبَيَانِ،
(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى
النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) [البقرة: 143].

وَمِن
مَعَاني الحَجِّ السَّامِيَةِ، وَدُرُوسِهِ العَمِيقَةِ: أَنَّ الأُمَّةَ
عَلَى مُختَلِفِ أَجنَاسِها، وَتَعَدُّدِ دِيَارِهَا وَأَوطَانِها،
وَكَثرَةِ شُعُوبِهَا، وَوَفرَةِ قَبَائِلِهَا وَاختِلافِ أَشكَالِهِم
وَأَلوانِهِم وَلُغَاتِهِم، لا رَابِطَةَ تَربِطُهُم إِلاَّ رَابِطَةُ
التَّوحِيدِ، وَلا نَسَبَ يَجمَعُهُم إِلاَّ نَسَبُ الدِّينِ، فمتى
تمسَّكُوا بِهِ وَكَانُوا به إِخوَانًا مُتَحَابِّينَ، فَهُم قُوَّةٌ لا
تُمَاثِلُهَا قُوَّةٌ، وَمتى ابتَعَدُوا عَنهُ أَو تَشَبَّثُوا بِغَيرِهِ
مِن رَوَابِطِ الجَاهِلِيَّةِ أَو عُرَى الدُّنيا الفَانِيَةِ لم
يَزدَادُوا إِلاَّ اختِلافًا وَافتِرَاقًا، وَلَن يَلقَوا إِلاَّ ذُلاً
وَضَعفًا وَمَهَانَةً وَمَقتًا، وَلهذا وَلَمَّا كَانَت قُرَيشٌ في
الجَاهِلِيَّةِ لا تَتَجَاوَزُ حُدُودَ الحَرَمِ في حَجِّها، وَلا تَقِفُ
مَعَ النَّاسِ في عَرَفَةَ استِكبَارًا وَاستِنكَافًا، جَاءَ كِتَابُ اللهِ
لِيَقُولَ لهم: (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيثُ أَفَاضَ النَّاسُ) [البقرة:
199]، وَبُيِّنَ فيهِ أَنَّ المَسجِدَ الحَرَامَ لِلنَّاسِ جمِيعًا:
(سَوَاءً العَاكِفُ فِيهِ وَالبَادِ) [الحج: 25]، ثم رَسَّخَ الحَبِيبُ -
صلواتُ اللهِ وَسَلامُهُ عَلَيهِ - ذَلِكَ في خُطبَتِهِ في عَرَفَةَ، حَيثُ
قال: ((إِنَّ دِمَاءَكُم وَأَموَالَكُم حَرَامٌ عَلَيكُم كَحُرمَةِ
يَومِكُم هَذَا، في شَهرِكُم هَذَا، في بَلَدِكُم هَذَا، أَلا كُلُّ شَيءٍ
مِن أَمرِ الجَاهِلِيَّةِ تَحتَ قَدَمَيَّ مَوضُوعٌ، وَدِمَاءُ
الجَاهِلِيَّةِ مَوضُوعَةٌ))، ثم أَكمَلَ هَذَا - عليه الصلاة والسلام -
عَمَلِيًّا أَمَامَ النَّاسِ في نِهَايَةِ ذَلِكَ المَوقِفِ العَظِيمِ،
حِينَ أَردَفَ مَولاهُ أُسَامَة بنَ زَيدٍ عَلى رَاحِلَتِهِ، ولم يَحمِلْ
غَيرَهُ مِن أَشرَافِ بَيتِهِ، أَو عُظَمَاءِ قَومِهِ، أَو وُجَهَاءِ
القَبَائِلِ الأُخرَى، (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ
إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) [الحجرات: 13].

وَمِن
مَعَاني الحَجِّ العَظِيمَةِ وُجُوبُ تَعظِيمِ الشَّعَائِرِ وَالحُرُمَاتِ
(ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللهِ فَهُوَ خَيرٌ لَهُ عِندَ
رَبِّهِ) [الحج: 30]، (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا
مِن تَقوَى القُلُوبِ) [الحج: 32]. فَتَعظِيمُ الشَّعَائِرِ وَالحُرُمَاتِ
مِن تَقوَى القُلُوبِ وَخَشَيتِها لِخَالِقِهَا وَمَولاهَا، وَكُلَّمَا
خَلا قَلبٌ مِن ذَلِكَ كَانَ أَبعدَ مَا يَكُونُ مِن تَعظِيمِ حُرُمَاتِ
اللهِ وَالوُقُوفِ عِندَ حُدُودِهِ، ولِهَذَا كَانَ خَيرُ زَادٍ يَحمِلُهُ
الحَاجُّ وأعظمُهُ وأكملُهُ زادَ الخَشيَةِ وَالتَّقوَى، قال - جل وعلا -:
(وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي
الأَلبَابِ) [البقرة: 197].

وَمِن
مَعَاني الحَجِّ والأُصُولِ المُعتَبرَةِ فيه مَا يَظهَرُ في رَميِ
الجِمَارِ فِيهِ؛ مِن تَذكِيرِ بني آدَمَ بِأَلَدِّ أَعدَائِهِم، وَأَعتى
خُصُومِهِم، وَتَحذِيرِهِم مِن قَائِدِ اللِّوَاءِ إِلى النَّارِ، قال - عز
وجل -: (إِنَّ الشَّيطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا
إِنَّمَا يَدْعُو حِزبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) [فاطر:
6].

وَمِن
مَعَاني الحَجِّ السَّامِيَةِ تَذكِيرُ المُسلِمِينَ بِأَنَّ مِن أَجَلِّ
أَهدَافِ العِبَادَاتِ ذِكرَ اللهِ - عز وجل - بها، لا أَدَاءها عَادَاتٍ
مُجَرَّدَةً مِن رُوحِهَا وَلُبِّهَا، خَالِيَةً مِن مَعنَاهَا وَمغزَاهَا،
أَوِ المُضِي فِيهَا رِيَاءً لِلنَّاسِ، وَطَلَبًا لِلسُّمعَةِ عِندَهُم،
قال - جل وعلا -: (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ
اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ
الْأَنْعَامِ) [الحج: 28]، وقال - سبحانه -: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي
أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ) [البقرة: 203]، وقال - سبحانه -: (فَإِذَا
أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ
الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ) [البقرة: 198]، وقال - تعالى -:
(فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ
آَبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا) [البقرة: 200]، وقال - عز وجل -: (ثُمَّ
أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ
اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [البقرة: 199].

تِلكَ
ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ جُملَةٌ مِن مَعَاني الحَجِّ الكَرِيمَةِ
وَأُسُسِهِ العَظِيمَةِ، يَجِدُها مَن تَتَبَّعَ أَدِلَّتَهُ مِنَ
الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَإِنَّ المُتَأَمِّلَ لَيَجِدُ مِن أَمثَالِها
كَثِيرًا كُلَّمَا أَنعَمَ النَّظَرَ وَرَدَّدَ التَّدَبُّرَ، فَاتَّقُوا
اللهَ - تعالى - وَحَقِّقُوا مَا شُرِعَتِ العِبَادَاتُ مِن أَجلِهِ،
فَإِنَّ اللهَ - سبحانه - قَد بَيَّنَ لَنَا في مَعرِضِ الحَدِيثِ عَنِ
الحَجِّ أَنَّ النَّاسَ مُختَلِفُونَ، فَمِنهُم مَن يَطلُبُ الآخِرَةَ
وَيَنشُدُ مَرضَاةَ رَبِّهِ، فَهُوَ بِأَعلى المَنزِلَتَينِ وَأَجَلِّ
المَقصِدَينِ، وَمِنهُم مَن لا هَمَّ لَهُ إِلاَّ الدُّنيا وَمَتَاعُهَا،
فَهِيَ حَظُّهُ مِن حَيَاتِهِ وَسَعيِهِ طُولَ عُمُرِهِ، وَمَا لَهُ في
الآخِرَةِ مِن نَصِيبٍ، قال - سبحانه -: (فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ
رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ *
وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي
الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ
مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ) [البقرة: 200 - 202].
وَالمُوَفَّقُ مَن أَدَّى حَجَّهُ بِنِيَّةٍ صَالحَةٍ خَالِصَة، وَمَالٍ
حَلالٍ وَنَفَقَةٍ طَيِّبَةٍ، وَعَطَّرَ لِسَانَهُ فيه بِذِكرِ اللهِ،
وَصَاحَبَ عِبَادَتَهُ إِحسَانٌ وَنَفعٌ لِعِبادِ اللهِ، فَكُونُوا في
حَجِّكُم كَذَلِكَ، وَأَخلِصُوا في دِينِكُم للهِ، وَاجتَهِدُوا في
الأَعمَالِ الصَّالحةِ، (وَسَارِعُوا إلى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكُم وَجَنَّةٍ
عَرضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرضُ أُعِدَّت لِلمُتَّقِينَ) [آل عمران:
133].

الخطبة الثانية
أَمَّا
بَعدُ: فَاتَّقُوا اللهَ - تعالى - حَقَّ التَّقوَى، وَتَمَسَّكُوا مِنَ
الإِسلامِ بِالعُروُةِ الوُثقَى، وَاحذَرُوا مَا يُسخِطُ رَبَّكُم فَإِنَّ
أَجسَامَكُم عَلَى النَّارِ لا تَقوَى، وَمَن يَتَّقِ اللهَ يجعَلْ لَهُ
مخرَجًا.

عِبَادَ
اللهِ: إِنَّكُم تَستَقبِلُونَ أَيَّامًا عَظِيمَةَ الفَضلِ كَبِيرَةَ
القَدرِ، أَيَّامًا لا أَفضَلَ مِنهَا وَلا أَكمَلَ مِنَ العَمَلِ فِيهَا،
إِنها العَشرُ الأُوَلُ مِن ذِي الحِجَّةِ، التي أَقسَمَ اللهُ بها
تَنوِيهًا بِفَضلِهَا، وَإِشَارَةً إِلى عَظِيمِ شَأنِهَا، وَبَيَّنَ
الحَبِيبُ - عليه الصلاة والسلام - عِظَمَ أَجرِ العَمَلِ فِيهَا، قال - جل
وعلا -: (وَالفَجرِ * وَلَيالٍ عَشرٍ) [الفجر: 1 2]، وقال - عليه الصلاة
والسلام -: ((مَا مِن أَيَّامٍ العَمَلُ الصَّالحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلى
اللهِ مِن هَذِهِ الأَيَّامِ)) يَعني أَيَّامَ العَشرِ، قَالُوا: "يَا
رَسُولَ اللهِ، وَلا الجِهَادُ في سَبِيلِ اللهِ؟! "، قال: ((ولا الجِهَادُ
في سَبِيلِ اللهِ، إِلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفسِهِ وَمَالِهِ ثم لم
يَرجِعْ مِن ذَلِكَ بِشَيءٍ)).

فَأَكثِرُوا
مِن ذِكرِ اللهِ - جل وعلا - في هَذِهِ العَشرِ حُجَّاجًا وَمُقِيمِينَ،
فَقَد سُئِلَ - عليه الصلاة والسلام -: "أيُّ الحَاجِّ أَعظَمُ عِندَ
اللهِ؟ "، قال: ((أَكثرُهُم للهِ ذِكرًا))، وقال - عليه الصلاة والسلام -:
((مَا مِن أَيَّامٍ أَعظَمُ عِندَ اللهِ ولا أَحَبُّ إِلى اللهِ العَمَلُ
فِيهِنَّ مِن أَيَّامِ العَشرِ، فَأَكثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّسبِيحِ
والتَّحمِيدِ وَالتَّهلِيلِ وَالتَّكبِيرِ))، وَقَد ذَكَرَ البُخَارِيُّ في
صَحِيحِهِ عَنِ ابنِ عُمَرَ وَأبي هُريرةَ - رضي الله عنهم - أَنهمَا
كَانَا يَخرُجَانِ إِلى السُّوقِ فَيُكَبِّرَانِ وَيُكَبِّرُ النَّاسُ
بِتَكبِيرِهما. وَيُستَحَبُّ لِلرِّجَالِ رَفعُ الصَّوتِ بِهَذَا الذِّكرِ
في الأَسوَاقِ وَالدُّورِ وَالطُّرُقَاتِ وَالمَسَاجِدِ.

ثم
اعلَمُوا - عِبَادَ اللهِ - أَنَّ مَن أَرَادَ أَن يُضَحِّيَ فَلْيُمسِكْ
عَن شَعرِهِ وَأَظفَارِهِ وَبَشَرَتِهِ إِذَا دَخَلَتِ العَشرُ حتى
يُضَحِّيَ، قال - عليه الصلاة والسلام -: ((مَنْ كَانَ لَهُ ذِبحٌ
يَذبَحُهُ فَإِذَا أَهَلَّ هِلالُ ذِي الحِجَّةِ فَلا يَأخُذَنَّ مِن
شَعرِهِ وَلا مِن أَظفَارِهِ شَيئًا حَتَّى يُضَحِّيَ))، وفي رواية:
((إِذَا دَخَلَ العَشرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُم أَن يُضَحِّيَ فَلا يَمَسَّ
مِن شَعرِهِ وَلا بَشَرِهِ شَيئًا)). وَهَذَا النَّهيُ خَاصٌّ
بِالمُضَحِّي، أَمَّا مَن يُضحَّى عَنهُ مِن أَهلِ البَيتِ فَلا يَدخُلُ في
هَذَا النَّهيِ.

فَاتَّقُوا اللهَ وَعَظِّمُوا شَعَائِرَهُ تُفلِحُوا وَتَسعَدُوا في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ



 حج الأبرار: معانٍ وأسرار - خطبة مكتوبة Yellow

نقلته لكم ومن أستطاع أن ينشر ماننقله فأجره على الله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.facebook.com/eslam.ghattas1
 
حج الأبرار: معانٍ وأسرار - خطبة مكتوبة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  مفاجاه// جميع خطب ودروس الشيخ أبو اسحاق الحوينى مكتوبة فى كتاب واحد
»  خطبة الجمعة 23/09/2011 للشيخ محمد حسان بعنوان : متى تنتهي الاضطرابات

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: المنتديات العامة :: المنتدى الاسلامي-
انتقل الى: