لظلام
××××××××
نعم الظلام , كان هو هذا الحائط الذي جعله في مكان لا يعرف عنه غير
المساحة التي يقف فوقها فقط, أما ما أمامه فلا يرى أو يسمع شيء , خواء
رهيب وصمت مطبق يخيم ويعسكر ويفرد أجنحته المظلمة الحالكة داخل هذا القبو.
ذلك الظلام الذي هو دائماً أبداً التيمة الشهيرة والبطل المشترك في كل أقاصيص وروايات الرعب والفزع والغموض الرائجة.
وكأن القدر كتب لهذا الإنسان آلا يترك شيء واحد من تلك المحفزات للرعب
إلا وأن يتقابل معها وجهاً لوجه ..بل ويصطدم بها وبكل عنف .
صرخ ناجي بشدة قائلاً لنفسه : أنا كنت غبي لما صدقت وزارة الصحة على
التحذير من التدخين والسجاير, يعني لو أنا دلوقتي من المدخنين مش كنت لقيت
في جيبي ولاعة أو حتى علبة كبريت أشوف بيها الضلمه المرعبة دي . ؟!
ضحك ناجي على ما يهزئ به ففرد ذراعيه أمامه بشدة حتى يستطيع أن يستكشف
المكان وهو يهتف قائلاً بصوت جعله مرتفعاً حتى يكون أنيسً له في ظلمته تلك
:
ده أيه المكان ده !!.. ده ولا القبر , أسترها يارب معايا , هو مفيش حاجه في البدروم ده ؟..المكان باين عليه فاضي خالص .
كان يتناقش مع ذاته ويتمتم بين الحين والآخر ببعض الألحان التي كانت تخرج
بعصبية غصباً عنه من هول هذا المكان الذي كان مظلماً رطباً بشدة .
وفجأة تصطدم يده بشيء رخو فيقترب منها مددا عنقه بحذر وبطء ورهبة بدأت
تتعال معدلاتها حتى أحس أن قلبه توقف عن الخفقان وضخ دماءه لشرايين جسده .
فالشيء الواقف في مواجهته أقل ما يقال عنه أنه كارثة لا توصف
يتراجع جوارها المسخ الذي هرب منه ناجي منذ قليل تراجع الحمل أمام وحش مفترس
فعندما اشرأب ناجي بعنقه لينظر بشده ذلك الشيء الرخو هذا إلا ويجد عيوناً
حمراء تتوهج في الظلام أمامه ليظهر هذا التوهج وجه كائن رهيب ذو رأس كبير
كرأس الجاموس البري في ضخامتها ذو ملامح تفننت أنامل الطبيعة المتوحشة في
إخراج هذا الشنيع وتلك الملامح
فعيناه كما قلنا كجمرات متوهجة خارجاً بشده للأمام
بلا رموش أو أجفان , وفمه يكاد أن يمتلئ به وجهه من أتساعه وبالأخص مع تلك
الأنياب التي تبرز من جوانبها التي كانت ذات صبغة سوداء كالحة , والآنف
أفطس مقطوع الأرنبة
ذات فتحتان كأنهما كهفان محفوران في وجهه هذا الغول , وفوق كل تلك الملامح
الموحية بنهاية ناجي, ينتشر فوق وجهه شعر أسود فيزيده بشاعة فوق ما هو
عليه.
أحس ناجي بأنفاس هذا المخلوق الذي يقف أمامه تحف بوجهه , أنفاس ثقيلة ذات
رائحة منفرة وكأنها لجثة إنسان تحللت بفعل الموت وتحولت لرمة . كان هذا هو
أقرب وصف لهذا الوحش , كائن هو أقرب لرمة, مات منذ أمد قريب.
وقبل أن يقدم ناجي على الانسحاب من أمام هذا الرهيب الذي ظهر له فجأة في الظلام
إلا ويجد يد هذا المرعب كالكلابات تمسك برقبته لترفعه عالياً وتضرب به الأرض بقوة وعنف وفي أقل من ثانية .
لتهتز الصورة والمشاهد أمام بصر ناجي بسرعة
ويشاهد في الثانية الأخرى قدم هذا الكائن وهي ترتفع أمام عيناه وتنزل
بقسوة وعنف فوق وجهه. قبل أن يغمى عليه ويذهب بعيداً من شدة هذه الضربة
القاضية